بسم الله الرحمن الرحيم
الف شكر سيدي ولايتي حيدر
لا كفؤ لفاطمة غير علي
وأهم ما يلفتنا في هذا الزواج هو ما جاء في الحديث المروي في كشف الغمّة عـن الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) ـ وفي غيره روي عن النبي ـ قال(ع): "لولا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين(ع) لفاطمة، ما كان لها كفؤ على وجه الأرض"[36].
فما هي هذه الكفاءة التي يقصدها الحديث الشريف؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالتأكيد ليست هي كفاءة النسب، لأنّ هناك أكثر من ابن عم للرسول ، وإنما هي كفاءة الروح وكفاءة العقل والفكر والإيمان، فقد كانت فاطمة من خلال إيمانها وعقلها وفكرها وروحها وطهرها وجهادها وزهدها، كفؤاً لعلي(ع) ، عليّ الذي كان في المستوى الأعلى من كل هذه الصفات والمعاني والقيم والآفاق التي تحلّّق مع الله سبحانه. لقد أمر الله رسوله بأن يزوّج الكفؤ بالكفؤ والطهر بالطهر، لأن هناك أكثر من نقطة يلتقيان عليها، كيف وقد تربّيا على يد رسول الله، ونهلا من معينه علماً وأخلاقاً وروحاً، وعاشا معه بما لم يعشه أي صحابي أو صحابية من أصحابه، فقد كانا معه في الليل والنهار، وكان ينطلق ليربيهما ويصنعهما على صورته استجابةً لنداء الله سبحانه {وأنذر عشيرتك الأقربين}[الشعراء:214]، وحتى عندما انكفأت عنه عشيرته وكل الناس، كان أقرب الناس إليه روحاً وإيماناً فاطمة وعلي(ع) . ومن هنا لاحظنا ـ من خلال التاريخ الواصل إلينا ـ أن ما عاشه علي من روح ومن انفتاح على الله ومن معرفة بالله، كانت تعيشه فاطمة(ع). ولو أننا درسنا عبادة علي وعبادة فاطمة لوجدنا أنهما يعيشان في المستوى نفسه من القرب لله والانفتاح عليه، والمعرفة بكل أسرار قدسه وصفاته وأسمائه.
وهنا يكمن سر قوله: "لولا علي لما كان لفاطمة كفؤ".وبالالتفات إلى ذلك نفهم سرّ تمنّع رسول الله من تزويجها من أكابر الصحابة. وقد روى (الصدوق) في "عيون أخبار الرضا(ع)" بسنده عن أبي الحسن الرضا(ع) عن أبيه موسى الكاظم(ع) عن آبائه عن علي(ع) ـ وهذه هي سلسلة السند التي قال عنها الإمام أحمد بن حنبل "إنها لو قرئت على مجنون لأفاق"[37]، لأنها من إمام إلى إمام إلى إمام إلى علي(ع) إلى رسول الله ـ أنه قال: "قال لي رسول الله: يا علي، لقد عاتبني رجال من قريش في أمر فاطمة وقالوا خطبناها إليك فمنعتنا وزوّجتها علياً، فقلت لهم والله ما أنا منعتكم وزوّجته، بل الله منعكم وزوّجه، فهبط عليّ جبرئيل فقال يا محمد، إن الله جلّ جلاله يقول لو لم أخلق علياً لما كان لفاطمة ابنتك كفؤ على وجه الأرض آدم فمن دونه"[38].
(36) كشف الغمة، الأربلي، ج:1، ص:463، مكتبة بني هاشم، قم ـ إيران، 1381. والبحار، ج:43، ص:141. وعوالم الزهراء، ص:277، 280، 281
(37) بحار الأنوار، ج:1، ص:30.
(38) عيون أخبار الرضا(ع)، وعنه عوالم الزهراء، ص:281. وبحار الأنوار،ج:43، ص:92، رواية:3.